الثلاثاء، 17 يناير 2012

قصيدة : حاشا سيدتي

قصيدة : حاشا سيدتي



البرد قارس سيدتي

لا الكونياك البالي ولا الجعة تنفع
لا معطفك الأحمر يدفىء ولا صورتك تغني من جوع
سيدتي ينهشنا البرد وأنصاف النساء

وحدنا سيدتي في حضرة الخوف
يقترف فينا الليل جناية الوهن
ثم يرسل في طلب النجدة
ويبعث مراقبين كجامعة العرب

لماذا رحلت سيدتي ؟
نحن يتامى يأسرنا الانتظار
نحن أوفياء يجافينا الموت
يا سيدة الكل لماذا رحلت ؟

تسألين ، أيحبني الوطن وأهل الوطن ؟
سيدتي الوطن دونك حرام في شريعتنا
هذا الوطن زان وابن بغي منحط
بريء من دين الأمم وطن لا تتسيدينه

سنركع سيدتي لقنينة خمر تقسم أن لا تؤمن
سنركع ركوع المتدبر في آيات الطاعة
أكنا قبلك مجوسا أو قوما آلهتهم الأصنام ؟
ومعك سيدتي آمنا بإله لا يقهر ؟

أيحق لنا السؤال وقد هرب منا الاختيار
الليل يرتب في صمت الصفقة مع البرد
وكأننا أغبياء القرن لا نفهم من الزمن إلا أنت
وتأتين إلينا في آخر الليل لنركع

لا النوم يغلبنا
ولا فتاة الليل المؤمنة بقضيتنا تؤنسنا
ويهادننا الانتحار ويهرب عن ثورتنا
يؤنبنا ضمير اليأس ويسقينا كأسا لا تفرغ

أم تعاقبنا لأننا أخلفنا الموعد الأخير
كان الجو حارا والجسم لا يتحمل
فنحن ضعاف يلفظنا كل شيء إلا دينك

يأتينا المطر برسالة أفسدها البلل
كتبت بخط الدم وأيقظت الجيران
آسف سيدتي .. الرسالة مجرمة
مرسلها زاهد في جنة عدن

تقول الرسالة يا سيدتي منكرا
إنا ما عدنا نعبدك
إنا ما عدنا خدما في قصرك
أننا لك لن نركع ؟


أعوذ بالله وحاشا سيدتي
أن نخون كما فعل الشعب اللقيط في الساحات
سنقبل اليد اليمنى واليسرى
ليسوا سوى مجرد حشاشين مخبولين

 سننحني لطفلك كما فعل الرجل الوطني 
حتى لو حمل منا الدهر سفاحا
وسنؤدي له تحية العسكري والمدني
سيدتي سنقف في طوابير لا تنتهي للاستقبال

حاشا سيدتي أن نثمل سخطا
لا تغرينا ساحاتهم الماجنة
وشبق حريتهم الفاسدة لا يسكر
لا يريحنا سوى أصابعك وأصابع صغيرك وهي تهرب من شفاهنا المرتوية

من مدينة إلى مدينة لن نفشي السر
أنت كما الكائنات الخرافية دائما تعودين
أنت كما القط الذي تطيعه الفئران
حاشا أن نتركك سيدتي

لكن أتعجبين للوطن الآخر ؟
سيدتي هم قوم اغتنوا مذلة وشربوا من ماء البؤس
سيدتي هم ناس لا يعرفون مطرا سوى الدمع
سيدتي ، هم لا يسكنون إلا بيوتا من طين

استوطنوا الجبال
يتكلمون لغة قد لا تفهمينها يا حبيبة الكل
خطابك الأخير لم يروه لأن لا تلفزيون لهم
قد لا يعرفونك حتى سيدتي

ماعادت القوانين تعنيهم
الآن احتلوا الشوارع والدير والدروب
لو كان لهم ذرة إيمان بالقدر لما فعلوا
لكانوا صفقوا كما نواب البرلمان سيدتي

لكن تبا لهم
ليس للمرتدين عن دين التوحيد من ملجأ
فليبحثوا عن وطن يمارسون فيه عادتهم السرية
ليبحثوا لهم عن قوادة ابنة ناس تهب لهم عذراء شريفة


نحن نبيع كل شيء سيدتي
الديار والأهل والخليلات والروايات
سنبقى نركع سيدتي
وحاشا أن ندين بدين آثم

سنسجد ثم نتهجد بحمد رسالتنا
سنقفز من سفينة كوكبنا ونبقى معك سيدتي
وطفلك المشاغب الديكتاتور يستعد ليرث زلاتنا وزوجاتنا وسجداتنا
حاشا أن يكون هذا شيمتنا سيدتي الآلهة

بقلم : عماد استيتو - 17-1-2012

الخميس، 5 يناير 2012

مقال رأي : سكوت حنصور



سكوت حنصور ..





جلسنا نتابع تلك المبارزة الدامية في حلبة يلتف حولها الآلاف من المتحفزين ، مباراة مصارعة حرة أمريكية على ما أعتقد بين بطلين يضرب لهما ألف حساب ، تبدوا المواجهة شرسة والضرب المبرح يكتب العنوان الأبرز بالبنط العريض ، لكن مهلا نتذكر أن كل المسلسل مزيف ، إنها لعبة للترفيه فقط ومعظم المشاهد تمثيل فقط ، إنها سينما فقط يا حبيبي تقول رفيقتي وأنا الذي كنت قد بدأت الانسجام مع الجو ، آه إنه تمثيل فقط لكن صدقا إنهم ممثلون بارعون جدا .

ليسوا أبرع من ممثلينا ، يقول أحد من الرفاق في تلك الليلة الخمرية ، هل لنا فعلا ممثلون يجيدون التمثيل  ؟ طرحت هذا السؤال ، أعرف أن لنا ممثلين وممثلات لكنهم أنفسهم لا يجرأون على أن يزعموا أنهم ممثلون يجيدون أداء أدوار بتلك الدقة والحرفية الخادعة ، تستدركني الأخت في مجمع لا يفصل بين الرفيقات والأخوات :"  يبدوا أن الإحباط والركون إلى اليأس استبد بك يا رفيق حتى ما عدت رفيقا و لا أخا ما عدت قادرا حتى على أن تميز بين لعبة شريفة ومسرحية مطبوخة أم أنك شربت من نبيذ الأسياد وثملت ديمقراطيتهم ؟ "، ولكن كيف يمكن أن يكون كل هذا لا شيء ، كيف يمكن ؟ يهيأ لك أن ساحة المعركة حقيقية ، تعتقد أنك تراها بعينيك المثقلتين انتظارا ، كل شيء هناك الغريمان والأضداد وذلك الحكم النزيه الذي يتدثر بالشرف والبراءة ، كل شيء موجود هنا ، تبدوا مباراة حقيقية تماما كما مباراة المصارعة تلك .

لكن لا شيء يحصل فعلا في واقع الأمر ، إنهم يمثلون فقط ، يرفعون عقيرتهم عاليا حتى يخيل إليك أن المسألة وصلت حدا لا خط رجعة معه ، تنتظر معها تفاصيل القادم من الأحداث ، ترقب باهتمام ما سيقوله هذا أو ذاك ثم قد تتعاطف مع هذا الطرف أو الآخر وهما منك بأنه ثمة أطراف عديدة ، ثم تسمع باتفاقهم وتنسج انتصارا عابرا أو استنتاجا عفويا ثم تغادر مع نهاية الجنريك ، ظننتهم يتعاركون ، ظننت ذلك الأخ التقي يواجه ذلك الشيخ من ساكني دار البقاء وبينهما ينتظر الرفيق الآخر أن يأذن له المخرج بفرصة فقط فيما الرابع انضم إلى مقعد خلفي إلى جانب المتفرجين دون أن يدفع ثمن التذكرة ، السيناريست لم يحضر لأنه لا يريد مواجهة مباشرة مع جماهير قليلة الذوق عادة لا تؤمن بالفن الرفيع كما لا تؤمن بالقضاء والقدر والمكتوب ، أصلا المتفرجون لا يعرفون أنه تمثيل فقط .

لكن المخرج ذكي ، لكي يخرج من عقدة القصة يستعمل خطة إضعاف طرف لحساب طرف بإخراج أحد أبرز أوراقه وانضمامه إلى الطرف الثاني يوما واحدا فقط قبل الحسم ، بعد ذلك يصل إلى النهاية وبعدها من المفترض أن يصفق من شاهد الفيلم لأن النهاية ستكون سعيدة بعد تفادي سيناريو مميت ، يفترض أن نصفق بحرارة ، تماما كما نفعل عندما يفوز المصارع بالضربة القاضية حتى ونحن ندري أنها سينما فقط .

تقريبا كما يتظاهر والد بعقاب ابنه تنفيذا لرغبة والدته أو العكس يفعلون كما يعاقب طفل بقطعة حلوى ثم نصفق ،أيضا عندما نرى أخانا الورع في التلفزيون يسبح بحمد الرب الواحد ويطلب من المذيع أن يتركه يكمل ثم يمضي في تلاوة صلواتنا للسنوات الخمس القادمة ، هل علينا أن لا نؤمن ؟ أو عندما نتخشع بنبرة صوت وهي تتردد ونسمع ، ربما علينا أن نكفر .

عفوا ، كلام الأخت الفاضلة يبدوا صائبا ، أحد عشر لاعبا جديدا قبل أن يغلق اتحاد اللعبة سوق الانتقالات في انتظار الانتقالات الحرة المفتوحة ، تبدوا مجددا مباراة حقيقية ، لكن من سيلعب ؟ ... عفوا مجددا نسيت كلام الإخوة والرفاق يبدوا أنني أفرطت إدمان شراب ديمقراطيتهم الفاخر ، لقد أدمنته حتى أصبحت أصدق ، نسيت حتى أنها السنة الجديدة ، إنه فيلم العام الجديد ، لقطة السنة ليست ككل سنة ، ابتدأ العمل مجددا علينا أن نعود للمقاعد الخلفية لنتابع التمثيلية وهي تؤدى .. سكوت حنصور .

بقلم : عماد استيتو –صحفي مغربي