الأحد، 3 يوليو 2011

المغرب: 98 في المئة يستفتون بـ«نعم» للدستور الجديد

المغرب: 98 في المئة يستفتون بـ«نعم» للدستور الجديد



عماد استيتو

المغرب | لم تأت النتائج شبه النهائية للاستفتاء على التعديلات الدستورية في المغرب، الذي أُجري يوم الجمعة الماضي، مفاجئة، اذ كما كان يُتوقع، صوتت الهيئة الناخبة بـ«نعم» وبنسبة كاسحة تفوق 98 في المئة (98.5)، بحسب ما أعلن وزير الداخلية الطيب الشرقاوي، لكن حركة «20 فبراير» وجماعة العدل والإحسان والاشتراكيين شككوا في نزاهة عملية الاقتراع. وقُدّرت نسبة المشاركة بنحو 73 في المئة، وزاد عدد المصوّتين على 9 ملايين من أصل 13مليوناً، فيما صوت فقط 1.51 في المئة بـ«لا». ولن يُعمل بهذه النتائج رسمياً إلا بعد مصادقة المجلس الدستوري عليها. وسجّلت المناطق الصحراوية أعلى نسب من المشاركة، فيما شهدت العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء أدنى نسبة من المشاركة. وقالت جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة في بيان إن الاستفتاء «كان بمثابة واحدة من أكبر عمليات تزوير الإرادة الشعبية في التاريخ السياسي الحديث». وأكّدت أنّ نسبة الذين شاركوا لم تتجاوز الـ66 في المئة. واتفق مع هذا التوجه الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحّد، محمد مجاهد، الذي قال إنّ المعطيات لديه تفيد بأن الأرقام المعلنة بعيدة عن الواقع، مؤكّداً أن هناك مؤشرات على حصول عملية تزوير ممنهجة.

بدورها، أكّدت حركة «20 فبراير» استمرار التظاهرات حتى تحقيق جميع مطالبها، رافضةً خندقة مطالبها في الإصلاح الدستوري فقط. ورأت أن الاستفتاء تحصيل حاصل، من دون أن تستبعد وجود تلاعب كبير، وشكّكت في صحة النسب المُعلنة، إضافة إلى تسجيل خروقات عديدة.
في المقابل، جاءت ردود الفعل الرسمية مرتاحة مع نتائج الاستفتاء. وقال وزير الاتصال، خالد الناصري، إن «النتائج تعدّ درساً بليغاً قدمه الشعب المغربي الذي اغتنم هذه اللحظة التاريخية دون الالتفات إلى الدعوات المنادية بالعدمية». وأضاف أن «الأحزاب بحاجة إلى وقفة مع الذات لمواكبة هذه التطورات».
ولم تُخف الأحزاب المغربية ابتهاجها بالنتائج، رغم أنّها شدّدت على أهمية الظرف الحالي. وأكّد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، عبد الإله بنكيران، أن نتيجة الاستفتاء طبيعية ومنتظرة، وأن الدستور الجديد كان مقترحاً ملكياً لتجاوز إشكالية معينة في ظرف دقيق تمرّ فيه المنطقة، فيما قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المشارك في الائتلاف الحكومي، نبيل بن عبد الله، إن «النص الجديد يشكل قاعدة لعمل جديد، والآن على الأحزاب أن تحدث مصالحة بينها وبين المواطن لأن التراجع غير مقبول».
ووصفت عضو حزب التجمع الوطني للأحرار، مباركة بوعيدة، ما يحصل في المغرب حالياً بأنّه تغيير جذري «فالعائلة المالكة تصوّت لأول مرّة على الدستور». وأكّدت أنّ «الدستور الجديد يمثّل تقدّماً كبيراً يبوأ فيه الملك مكانة الضامن لفصل السلطة». ورأت أن «الدستور بصيغته الحالية مناسب للظروف المغربية الحالية»، داعيةً إلى «التحلي بشيء من الواقعية، فالواقع المغربي يقتضي أن يبقى الملك ممسكاً ببعض السلطات».
ورأى مراقبون أن هذه النتيجة الكاسحة عادية على أساس أنّ الذين كان لهم رأي مخالف كانوا ميالين أكثر لقرار المقاطعة. وقالوا إن المغاربة صوتوا بـ«نعم» تفادياً للانزلاق إلى سيناريوات عنيفة كالنموذج الليبي والسوري واليمني.
ورأى المحلل السياسي مصطفى الخلفي أن النتائج كانت متوقعة لأن الطرف الآخر اختار المقاطعة. وأضاف أنها «مرحلة إنهاء توتر والانخراط في مرحلة جديدة. نحن الآن أمام تحول ديموقراطي يجب أن ينعكس إيجاباً على الحياة اليومية للمغاربة». وأضاف أن «النتائج تؤكّد أن النظام يستند إلى رصيد من الشرعية، وعليه استثمار هذه الثقة للعمل على إنجاح الدستور».
غير أنّ الناشط عبد الحميد أمين، عن «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» رأى أن لا شيء تغير، وأنّ الدستور الجديد دستور الملك وليس دستور الشعب. وقال «ليس هناك سبب يدفعنا إلى التراجع. والأيّام وحدها ستُثبت أن لا شيء تغيّر، فالدستور لم يكن مطلبنا الوحيد فقط. بل هو جزء من حزمة مطالب سياسية واجتماعية وحقوقية أخرى». وأضاف أن «الدستور الجديد محبوك ومغشوش».
إقرار الدستور لن يكون خط النهاية. التحدي الأكبر هو تدبير المرحلة المقبلة بأقل الخسائر، خصوصاً أن حجر الزاوية هو تفعيل مضامين الدستور وجعل قوانينه التنظيمية أكثر جرأة، ثم الإعداد لانتخابات نزيهة وشفافة، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والتعامل بمرونة مع الاحتجاجات التي يتوقع أن تستمر في المغرب حتى بعد إعلان المشروع الدستوري الجديد.

نشرت في جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 4 يوليوز2011

http://www.al-akhbar.com/node/15893